الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»
قال أبو عبيدة: وإنما قيل له عصيب لأنه يعصب الناس بالشر، قال الكلبي: كان بين قرية إبراهيم وقف لوط أربعة فراسخ.قوله عز وجل: {وجاءه قومُه يهرعون إليه} أي يسرعون، والإهراع بين الهرولة والحجزى. قال الكسائي والفراء: لا يكون الإهراع إلا سراعاً مع رعدة.وكان سبب إسراعهم إليه أن أمرأة لوط أعلمتهم بأضيافه وجَمالهم فأسرعوا إليه طلباً للفاحشة منهم.{ومن قبل كانوا يعملون السيئات} فيه وجهان:أحدهما: من قبل إسراعهم اليه كان ينكحون الذكور، قاله السدي.الثاني: أنه كانت اللوطية في قوم لوط في النساء قبل الرجال بأربعين سنة، قاله عمر بن أبي زائدة.{قال يا قوم هؤلاء بناتي هُنَّ أطهر لكم} قال لهم لوط ذلك ليفتدي أضيافه منهم.{هؤلاء بناتي} فيهن قولان:أحدهما: أنه أراد نساء أمته ولم يرد بنات نفسه. قال مجاهد وكل نبي أبو أمّته وهم أولاده. وقال سعيد بن جبير: كان في بعض القرآن: النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزاجه أمهاتهم وهوأب لهم.الثاني: أنه أراد بنات نفسه وأولاد صلبه لأن أمره فيهن أنفذ من أمره في غيرهن، وهو معنى قول حذيفة بن اليمان.فإن قيل: كيف يزوجهم ببناته مع كفر قومه وإيمان بناته؟قيل عن هذا ثلاثة أجوبة:أحدها: أنه كان في شريعة لوط يجوز تزويج الكافر بالمؤمنة، وكان هذا في صدر الإسلام جائزاً حتى نسخ، قاله الحسن.الثاني: أنه يزوجهم على شرط الإيمان كما هو مشروط بعقد النكاح.الثالث: أنه قال ذلك ترغيباً في الحلال وتنبيهاً على المباح ودفعاً للبادرة من غير بذل نكاحهن ولا بخطبتهن، قاله ابن أبي نجيح.{هن أطهر لكم} أي أحل لكم بالنكاح الصحيح.{فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي} فيه ثلاثة أوجه:أحدها: لا تذلوني بعار الفضيحة، ويكون الخزي بمعنى الذل. الثاني: لا تهلكوني بعواقب فسادكم، ويكون الخزي بمعنى الهلاك. الثالث: أن معنى الخزي ها هنا الاستحياء، يقال خزي الرجل إذا استحى، قال الشاعر: والضيف: الزائر المسترقد، ينطلق على الواحد والجماعة، قال الشاعر: {أليس منكم رجلٌ رشيد} فيه وجهان: أحدهما: أي مؤمن، قاله ابن عباس. الثاني: آمر بالمعروف وناهٍ عن المنكر، قاله أبو مالك. ويعني: رجل رشيد ليدفع عن أضيافه، وقال ذلك تعجباً من اجتماعهم على المنكر. قوله عز وجل: {قالوا لقد علمت ما لنا في بناتك من حق} فيه وجهان:أحدهما: ما لنا فيهن حاجة، قاله الكلبي.الثاني: ليس لنا بأزواج، قاله محمد بن إٍسحاق.{وإنك لتعلم ما نريد} فيه وجهان:أحدهما: تعلم أننا لا نتزوج إلا بامرأة واحدة وليس منا رجل إلا له امرأة، قاله الكلبي.الثاني: أننا نريد الرجال.
يقال وأسرى وفيها وجهان:أحدهما: أن معناهما في سير الليل واحد.الثاني: أن معناهما مختلف، فأسرى إذا سار من أول الليل، وسرى إذا سار في آخره، ولا يقال في النهار إلا سار، قال لبيد: {بقطعٍ من الليل} فيه أربعة تأويلات:أحدها: معناه سواد الليل، قاله قتادة.الثاني: أنه نصف الليل مأخوذ من قطعه نصفين، ومنه قول الشاعر: الثالث: أنه الفجر الأول، قاله حميد بن زياد. الرابع: أنه قطعة من الليل، قاله ابن عباس. {ولا يلتفت منك أحد} فيه ثلاثة تأويلات:أحدها: لا ينظر وراءه منكم أحد، قاله مجاهد. الثاني: يعني لا يتخلف منك أحد، قاله ابن عباس:الثالث: يعني لا يشتغل منكم أحد بما يخلفه من مال أو امتناع، حكاه علي بن عيسى.{إلا امرأتك إنّه مُصيبها ما أصابهم} فيه وجهان:أحدهما: أن قوله {إلا امرأتك} استثناء من قوله {فأسر بأهلك بقطع من الليل الا امرأتك} وهذا قول من قرأ {إلا امرأتك} بالنصب.الثاني: أنه استثناء من قوله {ولا يلتفت منك أحد إلا امرأتك} وهو على معنى البدل إذا قرئ بالرفع.{إنه مصيبها ما أصابهم} فذكره قتادة أنها خرجت مع لوط من القرية فسمعت الصوت فالتفتت، فأرسل الله عليهم حجراً فأهلكها. {إنّ موعدهم الصبح أليْسَ الصُّبحُ بقريبٍ} فروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن لوطاً لما علم أنهم رسل ربه قال: فالآن إذن فقال له جبريل عليه السلام {إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب}» ويجوز أن يكون قد جعل الصبح ميقاتاً لهلاكهم لأن النفوس فيه أودع والناس فيه أجمع.
إلا أن النون قلبت لاماً.الرابع: من سجيل يعني من سماء اسمها سجيل، قاله ابن زيد.الخامس: من سجيل من جهنم واسمها سجين فقلبت النون لاماً.السادس: أن السجيل من السجل وهو الكتاب وتقديره من مكتوب الحجارة التي كتب الله تعالى أن يعذب بها أو كتب عليها، وفي التنزيل {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين كتاب مرقوم} [المطففين: 7-9] السابع: أنه فِعِّيل من السجل وهو الإرسال، يقال أسجلته أي أرسلته، ومنه سمي الدلو سجلاً لإرساله فكان السجل هو المرسل عليهم.الثامن: أنه مأخوذ من السجل الذي هو العطاء، يقال سجلت له سجلاً من العطاء، فكأنه قال سُجلوا البلاء أي أعطوه.{منضود} فيه تأويلان:أحدهما: قد نُضَّد بعضه على بعض، قال الربيع.الثاني: مصفوف، قاله قتادة.قوله عز وجل: {مسومة عند ربك} والمسومة: المعلّمة، مأخوذ من السيماء وهي العلامة، قال الشاعر: وفي علامنها قولان:أحدهما: أنها كانت مختمة، على كل حجر منها اسم صاحبه.الثاني: معلمة ببياض في حمرة، على قول ابن عباس، وقال قتادة: مطوقة بسواد في حمرة.{عند ربك} فيه وجهان:أحدهما: في علم ربك، قال ابن بحر.الثاني: في خزائن ربك لا يملكها غيره ولا يتصرف فيها أحد إلا بأمره. {وما هي من الظالمين ببعيد} فيه أربعة أوجه:أحدها: أنه ذكر ذلك وعيداً لظالمي قريش، قاله مجاهد.الثاني: وعيد لظالمي العرب، قال عكرمة.الثالث: وعيد لظالمي هذه الأمة، قاله قتادة.الرابع: وعيد لكل ظالم، قاله الربيع. وفي الحجارة التي أمطرت قولان:أحدهما: أنه أمطرت على المدن حين رفعها. الثاني: أنها أمطرت على من لم يكن في المدن من أهلها وكان خارجاً عنها.
|